الشريط الإخباري

هل العلم بحاجة إلى الفلسفة.. جديد محاضرات الجمعية الكونية السورية

دمشق-سانا

“هل العلم بحاجة إلى الفلسفة ولماذا الفلسفة ضرورة علميا” سؤالان جديدان قديمان حاول الباحث معاذ قنبر الإجابة عنهما في محاضرته التي القاها أمس في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة ضمن برنامج محاضرات الجمعية الكونية السورية.

وبين الباحث قنبر أن مسألة العلاقة بين العلم والفلسفة هي بحد ذاتها مسألة تاريخية معقدة فالكثير من الاختصاصات كانت تعتبر علماً و لم تكن تعد فلسفة , و منذ أيام أفلاطون , فُرزت مجالات متعددة من المعرفة على نحو متباين , ونُظر إلى كل مجال على أساس أنه علم له موضوعه الخاص في البحث , مثل الحساب باعتباره علم الأعداد , والهندسة باعتبارها علم الأشكال الفراغية , والفلك باعتباره علم دراسة حركة النجوم والكواكب , وباستثناء المجالات التي فُرزت تاريخياً باعتبارها اختصاصات منفصلة بما لها من أغراض دراسية خاصة , يوجد أيضاً اختصاصات اعتبرت علماً ذات يوم , و لم تعد كذلك بعد فترة من الوقت , كاللاهوت الذي اعتبره الاكويني أعلى العلوم .

وأشار قنبر إلى أن كلمة فلسفة عند اليونان الأوائل كانت تدل على معنى عام , إذ كانت تعني كل معرفة محضة لا تتوخى أي غاية عملية , أو أي فائدة مادية , فلم تكن الفلسفة تشير إلى مفهوم خاص , بل كانت تشير إلى حب الاستطلاع عامة , أي كل جهد يقوم به العقل في سبيل تزويد صاحبه بالمعارف الجديدة , و هكذا كانت الفلسفة مرادفة للعلم , و العلم هنا هو ما يعارض الفن من حيث أن الفن إنما يتوخى النافع و المفيد.

وأوضح قنبر إن كل ما قيل و سيقال عن الفلسفة لن ينفي دورها يوماً في الفكر الإنساني.

ولفت إلى “أن الفلسفة لم تكن يوماً منفصلة عن العلم”, بل إن الثورة العلمية أتاحت المجال لدخول الفلسفة في قلب الحقل العلمي من خلال مناقشة أبعاد الإنجازات العلمية وان العلم يشد وثاق الإنسان إلى الطبيعة , أما الفلسفة فهي التي تذكر الإنسان أنه لا يحيا في الطبيعة , إلا لكي يتجاوزها و يعلو عليها.

وقال قنبر “إذاً برغم الحديث عن التباعد التاريخي الذي فصل العلم عن أصله الفلسفي لا يمكن إلا أن نتفق على أن متعة الاكتشاف , المتعالي عن المنافع المادية المباشرة , ستبقى أزلاً و أبداً تجمع صنفين من أهم مميزات النوع الإنساني العلم و الفلسفة”.

العلم كمنتج إنساني , هو استجابة عن حالة اغتراب كائن يرى نفسه وحيداً في اتساع لا متناه من اللامعرفة ويتوقف مستقبل العلم مستقبلنا على كيفية استعمالنا للتقدم الذي نحققه , و على الحلول التي نقدمها للمصاعب التي يسببها هذا التقدم.

وخلص قنبر إلى القول “إننا بحاجة إلى النظر إلى الحقيقة بكل ما فيها من ثراء وألوان , لتذوق متعة الاكتشافات العلمية فالموسيقا التي يتمتع بها العلماء كما غيرهم , ليست ذبذبات صوتية تنقل عبر الهواء فقط , و لوحات رمبرانت ليست عبارة عن لطع كيميائية ليس إلا , نتاج المعرفة ليس كم تعرف الحقيقة , بل كيف تشعر أمامها”.